شنّت إسرائيل حملة جوية واسعة ضد إيران، مستهدفة منشآت نووية وعسكرية، بعد تقديرات استخبارية أفادت بقرب امتلاك طهران للسلاح النووي خلال أسابيع أو أشهر. الهجوم طال منشأة نطنز النووية، أنظمة الدفاع الجوي، ومنشآت الصواريخ البعيدة المدى. قُتل في الغارات قادة بارزون، منهم حسين سلامي قائد الحرس الثوري، ومحمد باقري رئيس الأركان، وعالمان نوويان.
وعد المرشد الإيراني علي خامنئي بـ"عقاب قاسٍ"، وسط احتمالات بضرب مواقع نووية إسرائيلية وقواعد أمريكية في الخليج. إسرائيل أكدت أن إيران أطلقت نحو مئة طائرة مسيّرة نحوها بعد الهجوم بساعات. بذلك، تقترب المنطقة مجددًا من حافة حرب كبرى تهدد بإشعال الشرق الأوسط وجرّ العالم معها.
تأتي الضربة الإسرائيلية في ظل تعثّر المفاوضات النووية بين واشنطن وطهران، التي بدأت بطلب من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب منتصف أبريل، لكنها لم تصل إلى نتيجة. أصرّ ترامب على وقف إيران الكامل لتخصيب اليورانيوم وتدمير مخزونها البالغ 400 كغم من اليورانيوم المخصب بنسبة 60%. رفضت طهران ذلك واعتبرته خطًا أحمر.
عارض رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو المفاوضات منذ البداية، مفضّلًا الخيار العسكري. لطالما توعد بـ"قطع أذرع الأخطبوط الإيراني" في المنطقة، في إشارة إلى حلفاء طهران كحماس، حزب الله، النظام السوري، والحوثيين. منذ هجوم حماس على إسرائيل في أكتوبر 2023، ركزت تل أبيب على استهداف هذه الجماعات، حتى وصل نتنياهو إلى "رأس الأخطبوط" نفسه.
رغم حثّ نتنياهو واشنطن على المشاركة في هجوم ضد إيران، فضّلت الإدارات الأمريكية السابقة تجنّب حرب جديدة في الشرق الأوسط. ترامب، رغم تحالفه القوي مع إسرائيل، اختار الابتعاد عن العمل العسكري، لسببين: أولًا، عدم نسيانه تهنئة نتنياهو لجو بايدن بعد فوزه في 2020؛ وثانيًا، حرصه على علاقاته الاقتصادية مع دول الخليج، خاصة بعد زيارته الأخيرة للسعودية وقطر والإمارات وتجاهله لإسرائيل.
في هذا السياق، حذّر ترامب نتنياهو من تخريب المفاوضات النووية، ساعيًا لتحقيق إنجاز دبلوماسي يحسّن صورته كصانع سلام. لكن مع تعثّر المحادثات، رأى نتنياهو أن اللحظة مواتية للتحرك العسكري. نفت الإدارة الأمريكية أي علاقة لها بالهجوم، ويبقى السؤال مفتوحًا: هل تتدخل واشنطن إذا ردّت طهران بقوة؟
يمتلك الجيش الإسرائيلي قدرة هائلة على ضرب أهداف استراتيجية، لكن إيران تحتفظ أيضًا بترسانة ردع تشمل صواريخ متقدمة وطائرات مسيّرة. تستطيع إيران استهداف مصالح أمريكية وإسرائيلية، وإغلاق مضيق هرمز، الممر الحيوي لنحو ربع صادرات النفط والغاز عالميًا. كما ترتبط بتحالفات استراتيجية مع روسيا والصين، ما يضفي بعدًا دوليًا إضافيًا على الأزمة.
وفقًا لمقال أمين سعيقل في ذا كونفرزيشن، قد تؤدي أي مواجهة شاملة إلى حرب إقليمية يصعب السيطرة عليها، من دون فائز حقيقي. منطقة الشرق الأوسط لا تحتمل حربًا جديدة، وكان من الحكمة إتاحة الوقت للمفاوضات.
الاتفاق النووي السابق، المعروف باسم "خطة العمل الشاملة المشتركة"، نجح في احتواء البرنامج النووي الإيراني قبل أن ينسحب منه ترامب عام 2018 تحت ضغط نتنياهو. اليوم، اختار نتنياهو التصعيد العسكري بدلًا من التفاوض، تاركًا المنطقة والعالم أمام خطر التصعيد الشامل، في وقتٍ لا يزال مصير المحادثات مجهولًا، خاصة بعد إعلان إيران مقاطعتها للجولة المقبلة التي كانت مقررة في عُمان.
https://theconversation.com/why-did-israel-defy-trump-and-risk-a-major-war-by-striking-iran-now-and-what-happens-next-258917